بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم
عزيزي يا من تكرمت بقراءة كتاباتي، هي كنت او هو، لك تحياتي:
اذا ها نحن نلتقي في الحلقة الثالثة، من حلقات سلسلة التعريف ب"الرشدنة" لكاتب هذه السطور، وذلك اذا اعتبرنا الحلقة التمهيدية هي الحلقة الاولى، وسوف نلتقي، بعون الله، مرة في الاسبوع او نحو ذلك، وستنشر الحلقة الجديدة خلال الاربع والعشرين ساعة، ما بين مساء الجمعة ومساء السبت، قدر الامكان، فترقبني خلال تلك الفترة
لا اخفيك انني اميل الى التطويل في عملية التمهيد ل "الرشدنة"، فالتواصل معك لا يمل، ولتكوين الخلفية المناسبة لديك، فمشوارنا انشاء الله سيكون طويلا، لطول المنهج وعرض البرنامج، فالحكم على الشئ فرع عن تصوره، كما اني اقصد التأكيد على بعض المضامين احيانا اكثر من مرة، لكي ترسخ في ذهنك، ولكي يكون التأسيس لديك قويا، ومن تعجل شيئا قبل آوانه عقب بحرمانه، ولا شئ اضر على نجاح المشروع، أي مشروع من مطبة احراق المراحل، لان التعجل، دائما يأتي على حساب التأسيس الصحيح، وبالتالي فما بني على ضعيف فهو ضعيف، قياسا على ما بني على باطل فهو باطل، مع الحذر من الوقوع في فخ عقدة المثالية، بسبب الخوف من آفة العجلة، أي ان يستمر الشخص في التعديل والاضافة الى مشروعه الى ما لا نهاية، دون ان يقدمه للناس، حتى تطير الطيور بارزاقها كما يقولون، بعد ان يصبح مشروعه خارج الزمان والمكان وظروف الحال، وما كأنك يا بو زيد غزيت
مع التأكيد على اننا سوف نتناول الخطوط العريضة للمنهج حتى نستكمل الصورة، ومن ثم نبدأ في الدقائق والتفاصيل، والامثلة والتطبيقات العملية
ثم انني لن افوت فرصة التعريج على الفوائد الجانبية اذا ما لزم الامر، فالحكمة ضالة المؤمن، اني وجدها فهو احق الناس بها، كما سوف احرص على ان يكون الاسلوب في غاية البساطة بالنسبة لك، بعيدا عن التقعر، اسلوب عفوي مجالسي، من القلب الى القلب ليس اكاديميا، وليس كاسلوب البحوث العلمية
لقد اعطيت في الحلقة السابقة تعريفا سهلا للرشدنة، وعرجت معك على ذكر عناصر انموذج الرشد، وذلك بعد ان سمينا الجوانب التي يقصدها البرنامج في شخصية الانسان، مختتمين ذلك بالتأكيد على استفادة الشخص من الرشدنة في كآفة مجالات حياته، لعلك تعود الى الحلقة اذا احببت ان تجدد معلوماتك
في هذا الحلقة، افيدك علما ان البرنامج "صناعة الانسان الرشيد" ينطلق من ان هناك هيمنة للطرح الغربي في الساحة، في مجال تطوير الشخصية، كما هو الحال في مجال التطوير الاداري، ويذهب البرنامج الى ان النماذج الغربية في اقصى درجات المنفعة والاهمية، ولا اخفيك انني من تلمذة الغرب، حيث مكثت هناك قرابة عشر سنوات ما بين امريكا وبريطانيا، واذا ما حانت الفرصة فسوف احدثك عن تجربتي هناك، في الوقت المناسب، فهي تجربة ثرية، المهم ان جل ما ادعو اليه هو ان يكون لنا كمسلمين اضافة لطروحات الغرب، في مجال تطوير الشخصية، وذلك لمنفعة البشرية ككل، أي ان ندلو معهم بدلونا، ام اننا لا دلاء لنا!؟ (راحت ايام الدلو مع البير والجفر)
الاسلام اسلوب حياة، ومشروع حضاري، وللاسلام منهجه في بناء الانسان، وضمن ذلك المنهج، ثمة ما يسمى المنهجية الاسلامية لبناء الشخصية، ومن رحم هذه المنهجية ولدت"الرشدنة"، لكن لم يكن الحمل هينا، ولا الولادة سهلة، فلم يقل لنا القرآن هذه عناصر منهجية بناء الانسان الرشيد، واحد.. اثنين.. ثلاثة، انها مبثوثة في ثنايا الكلم الالهي، انها موزعة بين السطور، انها متفرقة في تجاويف الاصداف، لآلئ تحتاج لمن يجنيها، ويحسن نظمها، نعم لقد كان دون ذلك خرط القتاد، وصعود الجبال، بل والحفر في الصخور، ومن يتهيب صعود الجبال، يظل ابد الدهر بين الحفر.. صدقني انه قرابة عشرون عاما من الهم والتفكير والحلم والعمل الدؤوب، حتى اشرقت الرشدنة وتبدت ملامحها، ولا يزال العمل والمشوار طويل، ولكن مشوار الالف ميل يبدأ بخطوة، كما يقول المثل العالمي، فالغاية والهدف ان تصبح الرشدنة علما قائما بذاته، يرتشف رحيقه الناس، ويشتم شذاه جميع البشر، في كآفة اصقاع الارض
جاءت "الرشدنة" تنطلق في جذورها من المنظور الاسلامي، ولكنها في فروعها تلتقي مع احدث التصورات والمنهجيات في تطوير الذات، ما كان منها شرقيا وما كان غربيا
الشاب الرشيد، الموظف الرشيد، القائد الرشيد، ولنقل الانسان الرشيد، بكآفة ادواره الاسرية والاجتماعية والرسمية، كل اولئك هم محل اهتمام "الرشدنة"، مع التأكيد على ان لفظة الانسان في اللغة العربية الفصحى، تشمل الذكر والانثى معا، فليس في اللغة العربية كلمة انسانة، فعندما نقول صناعة الانسان، فنحن نقصد الجنسين، والى لقاء متجدد
https://www.youtube.com/watch?v=r6SN-F_tw5Yhttps://www.youtube.com/watch?v=aLOhuHzfqg8